::قراءة:: إبدا شيئا ذا قيمة

أعزائي القارئين والقارئات،،

الأحياء منكم والاموات.. الحقيقيين منكم.. والوهميين.. كنتم أينما كنتم.. إليكم أكتب من جديد 🙂

ودون تعقيد.. هذه المرة سأتحدث عن آخر كتاب قرأته..

Start Something That Matters ~ Blake Mycoskie

 Image

لفت نظري هذا الكتاب في كينوكونيا فبراير الماضي.. الاحذية كنت قد صادفتها مرات قليلة وسمعت عنها كـ”موضة” في عالم الاحذية.. بين الموضة والراحة دون أي فكرة عن كونها عمل حقيقي..

 بعد مضي شهور، اشتريت زوج من هذه الاحذية ولفت انتباهي من جديد المكتوب على صندوق الحذاء.. وكنت صدفة قد حملت في شنطتي الكتاب نفسه..

كنت قد عقدت بيني وبين نفسي اتفاق على قراءة كتب اقرب للتخصص العملي الذي انويه لمستقبلي.. ادارة الاعمال والاعمال المجتمعية..

وكان هذا الكتاب تقريبا افضل بداية 🙂

بليك مايكوسكي،، يحكي كيف حقق من فكرة بسيطة عابرة واقع ومؤسسة وفرت ملايين من الاحذية لأطفال عدد من البلدان النامية

ثم الى توفير علاج العيون وتوفير كتب مع كل نسخة تباع من نسخ كتابه الذي اطرحه لكم هنا

  IMG_0899

 بدأت قصة بليك اثناء اجازته في الارجنتين حين صادف صديقة تجمع احذية للتبرع لأطفال المناطق الفقيرة في الارجنتين، فغالبا ما ينتهي بهم الامر في المنزل بلا تعليم او مستقبل فقط بسبب صعوبة حصولهم على الاحذية وصعوبة حصولها على مقاسات تناسب الاطفال.

بعض الاطفال كان يذهب للمدرسة بأقدام حافية مما يسبب لهم التهابات وامراض جلدية تحرمهم من الخروج والمشي خارج المنزل.

حينها قرر بليك ان يبدأ مشروع يهدف للربح يقدم حذاء لأطفال الارجنتين مع كل حذاء مباع “واحد-لواحد”

وبعد محاولات عدة للعثور على مصنع احذية – ودون اي خبرة في مجال صناعة وتسويق الاحذية – استطاع بليك ان يحصل على شكل جديد من الاحذية الارجنتينية التقليدية ملائمة للسوق الامريكية ومن هنا بدأت مؤسسة تومز بالنمو

🙂

ما تعلمته من قصة بليك وأحذية تومز

اولا:: لا تحتاج الى شهادات جامعية وألقاب أكاديمية عظيمة لتنجز.. الحقيقة جزء من نجاح بليك كرائد اعمال انه لم يتبع نموذج وقالب تجاري جاهز.. بل صنع “البزنس مودل” لتومز من ابسط المواد الخام..وكل ما حققه بليك من نجاح ربح وعمل خيري كان بناء على خبراته التي اكتسبها من الكتب والسير الذاتية التي قرأها في حياته.. اذ انه لم يستلم اي شهادة جامعية..

ثانيا:: القيادة.. منذ بداية سن “التعش” وحتى اليوم.. اجدني متحمسة لدروس القيادة والادارة.. لدى بليك قدرة ملهمة على القيادة وإشراك الموظفين في قضيته. مما لفت نظري مثلا ان مقر شركته الحالي فيه لوحة جدارية كبيرة بكلمة

GIVE

وتعالوا لنفكر فيها 🙂 الالقاب المعطاه لإداريي الشركة غير معتاده مثل “صمغ الحذاء” ، “رباط الحذاء”  وغيرها من المسميات الوظيفية المبتكرة حققت باعتقادي أمرين هامين:

اشعرت الموظفين بنوع مختلف من العمل/والعطاء.. وهذا ما يجب تحقيقه في مؤسسة لا تهدف فقط للربح، بل للعطاء والربح في آن واحد

وكذلك “بطت” النفخة الاعتيادية للمناصب والمسميات الوظيفية التقليدية.. وهنا تتجلى صفات القيادة التي تحدثت عنها قبل كم سطر

من افشل ما يفشل المؤسسات بشكل عام والمؤسسات الخيرية بشكل خاص هو التصارع على اثبات النفس وعلى المجد والشهرة

هذا ما يقوله بليك في هذا الخصوص

ثالثا:: القيمة .. فلسفة تومز تعنى بحاجة الناس لأن ينتمو لمشاريع اكبر منهم في زمن اغلبنا مشغول فيه بعالمه الشخصي.. فقبل ان تفكر في مشروعك المستقبلي.. فكر في قيمته للإنسانية.. اربطه بشكل مباشر برسالتك في الحياة، والا اتركه فورا!

رابعا: ادارة الموارد.. رغم قلة موارد بليك.. الا انه استغل كل شي ممكن ليتجنب اهدار اموال المؤسسة في ما يمكن تجنبه..  من اعجب ما قرأت في الحفاظ على الموارد.. لدرجة اني حسيت احيانا انه شوي بخيل *ماحد سمع؟*

فعلا ادارة الموارد من اهم ما يجب تعلمه لمن اراد ان يدخل في ريادة الاعمال.. انت لا تحتاج المال لتصنع المال. لماذا نسعى لصناعة المال اذا توفر عندنا المال اصلا.. حد فهم شي؟

يتضمن الكتاب قصص نجاح مؤثرة ايضا.. ومصادر الكترونية ساعدت بليك في تحقيق نجاح مؤسسته

ودروس جميلة بسيطة تكفي لإلهامك لتسعى بجهد اكبر نحو تحقيق احلامك

 

الى هنا اترككم حتى القاكم في بوست اخر..

احلام سعيدة 🙂


خواطر عشوائية في ليلة الـ21 سنة والـ360 يوم

(1)
ملاحظة بخصوص العنوان: تعمدت كتابة الارقام بالارقام وليس بالحروف لأني نحويا فاشلة وأخشى إرتكاب إثم نحوي يلتهمني النحويون به.
ملاحظ هامة أخرى: نعم 360 يوم تساوي سنة وذاكرتكم بخير وعافية إلا أني مصابة بحساسية شديدة ضد الرقم 22.. اخخخ هل كتبت بالفعل ذلك الرقم القبيح بالخطأ؟!
(2)
الليلة.. ليلة عيدميلادي الـ21 و360 يوم
كنت قد أتفقت مسبقًا مع صديقتاي “أم السعف” و”عيون السيح” على الذهاب إلى تجمع المسلمات الجدد في الجامع الاكبر لدعمهن معنويًا.. شخصيا لم أميز فعلا من بحاجة من: هل أنا أهل لتوفير أي دعم أصلا؟ أم أني اتوقع الدروس والعبر منهن؟
لإنسانة في مرحلة التعافي الروحي.. الحال بطبيعته كان الاحتمال الثاني.. استمعت لقصصهن.. بكيت قبلهن.. وتأثرت بحقيقة أني سأكمل 21 سنة و360 يوم وأنا لازلت أحاول أن استوعب تلك الدروس التي من الله بها عليهن.. في شهور =)
يالله ترزقنا
::نظن أننا وصلنا لقمة فهم الحياة لثواني حتى نجد أن هناك طريق طويلة بإنتظارنا::
يا للجمال ويا لحلاوة الحدث الملائم جدًا.. لبداية سنة جديدة من عمري=)
(3)
عيدي اليومُ عيدي وعمري بأولو
بكرة اصير جديده يا عمري الحلو
ماما جابتلي هدية والبابا كمان
(كلام ما اتذكره) من جدو كمااان.. إلى آخر اغنية ماجدة الرومي الجميلة – تسجيل سنة قحطة قبل الميلاد =)

يا سلام! شكثر كنت أتمنى حفلة عيد ميلاد تكون مزينة ببالونات تطير من نفسها مثل اللي بالتلفزيون وزينة ابو بابا نويل وربعه (المفاهيم ايامها اختلطت عندي) وكيكة مزينة بالكريمة اللذيذة – كانت طفولتي ليست محرومة ابدا لكن لم تتميز بأي أشكال النعومة اللتي يتمتع بها جيل البامبرز وسبونج بوب.
كنت أتخيل الأغنية هذي “الثيم سونق” لعيدميلادي المجيد.. اه صحيح.. وكان عنصر أساسي من خيالي للحفل المثالي فستان بو اكمام منفشة وتسريحة شعر مرتبة =)!
قررت أختي الكبرى سنة 1994 تحقيق حلمي المستحيل وتبرعت بصنع الكيك.
البالونات.. مفقودة
زينة بابا نويل.. توفرت بطبيعة الحال من بقايا “حول حول” اختي الصغيرة
الفستان.. لم يكن منفش الاكمام بشكل يرضي طموحي
أما الاغنية.. فقد خرب جهاز التسجيل الشريط فكان علي الرضا بشريط “ايهاب توفيق” واغنية “رحمة شوية عليه”
والكيك البني انتهى به الامر في اقرب زبالة إذ تبين انه عبارة عن قطعة “بسكويت” غير قابل للكسر =)!

هذا والحمدلله أن التاريخ سجل يومًا سموه حفلة عيد ميلاد “سين” =))
(4)
غدًا..
عيد ميلاد صاحبتي أيضا ويوم زواجها بإذن الله..
الموضوع حولته لقضية رأي عام! تخيلوا اعزائي وعزيزاتي القراء.. ستحصل على هدية واحدة للمناسبتين في الاعوام القادمة!
هدية لمناسبتين..
او هديتين “بكواليتي” هدية وحدة في أفضل الأحوال.. أين العدل.. أين العدل!
من هذا المنبر..أقدم نصيحتي لصديقاتي بأن يتركن فراغ ست شهور بين يوم ميلادهن وزواجهن
ضمان الافضل هدفنا.. اتبعوا نصائحنا اليوم
(5)
نهاية البوست العشوائي جدًا.. اختي فيث هلكتني تبى تقراه!
*أتخيل الصدمة في وجهها في نهايته*


(2)

هنا أستكمل قراءاتي في رمضان 🙂
الروح والجسدالروح والجسد by مصطفى محمود
My rating: 5 of 5 stars

خواطر متعددة عن “إنسجام الظاهر والباطن في وحدةٍ متناسقة متناغمة”.. عن علاقة الانسان بالإنسان، وعلاقته بالكون..

عن السعادة المعرفةِ بصلح يعقده الانسان بينه وبين نفسه، بين الانسان والآخرين وبينه وبين الله… تلك سعادة التحرر من عبودية الشهوات والمجتمع

يرى مصطفى محمود ان الحب المطلق لا يجوز الا لله وحده وتعلق زائل بزئل.. وهو كلام لو قرأته في مكان آخر لتعذر علي فهمه وهضمه.. توسع عندي بشرحه معنى “الحب في الله” وتأكد لدي ان السالم من تبع المنهج الذي يصفه في العلاقات الانسانية كلها.. الصداقة.. الزواج.. الأمومة

أعجبني نقاشه لنظريات فرويد وماركس وسارتر بتسلسل افكار ذكي بدءًا من طرح ثقافة الرفض والسخط من كل شيء وأي شيء.. والخروج من الظلم للأظلم.. وغسيل المخ المستمر وتقديم هذه الأفكار بغلاف من سكر للمجتمعات.. انتقالا للنظريات وطرح اسئلة تدفع للتأمل حقًا!

هذا كلام عمره يقارب العشرون عاما.. اين نحن الان؟

🙂

الكتاب يحتوي أفكارا لا يسعني ان أفصلها هنا.. لكم ان اكتشفوا بقية ما فيه 🙂

بيكاسو وستاربكسبيكاسو وستاربكس by ياسر حارب
My rating: 4 of 5 stars

الحياة.. مجموعة من الاختيارات التي تشكلك “أنت” وشخصيتك.. تمامًا كتلك الخيارات في ستاربكس..

هذا عن العنوان..

الكتاب.. مجموعة من المقالات التي جاءت بإسلوب جميل وذكي جدًا وفي قالب يحوي: الفلسفة.. الأدب.. الروحانية.. المجتمع.. والعمل..

أمور مُزجت بإسلوب عصري متميز وبكلمات تدفع القارئ للإبتعاد مسافة لفهم اللوحة الفسيفسائية الكبيرة “الحياة” التي قد لا نرى منها الآن.. سوى القطع الصغيرة الغير مفهومة.

كانت من الكتب الكثيرة التي قرأتها هذا الصيف والتي – صدفةً – اجتمعت في الإحتواء على مفهوم الإختلاء والتأمل في الكون وفي عَظَمة المُكون، والمميز فيه أنه يصل للقارئ بسهولة اسلوبه..

الكتاب كان دافعًا إضافيا للتفكر في إيجاد توازن بين العمل وحياتي.. بين ما أنجزه للآخرين وما أنجزه لنفسي وأحبائي

كتاب يستحق القراءة وكاتب مبدع ننتظر منه الكثير!

في الحب والحياةفي الحب والحياة by مصطفى محمود
My rating: 3 of 5 stars

تطور العلاقات البشرية بطيء جدًا إذا ما قارنتهُ بالتطور المادي~ هذه النتيجة التي وصلت لها مع اخر صفحات هذا الكتاب الخفيف الهضم.
أعجبتني بدايته، وما احببت كلامه عن المرأة أبدا، ومع هذا اجده نافذه وتشكيلة جميلة لفكر مصطفى محمود عن الحب والحياة.
مقتطفات أعجبتني من الكتاب:
نحن مصنوعون من الفناء . ولا ندرك الاشياء الا في لحظة فنائها
****
الكراهية تكلف اكثر من الحب .. لانها احساس غير طبيعي .. احساس عكسي مثل حركة الاجسام ضد جاذبية الارض .. وتحتاج الى قوة اضافية وتستهلك وقوداً اكثر
****
ليس صحيحا ان اول حب هو اعظم حب .. الصحيح ان اول حب هو اضغر حب .. واكبر غلطة يرتكبها المرء ان يتزوج اول حبه
****
الحرية والفراغ والامكانيات اذا توفرت لانسان ولم يكن معها هدف تنشغل بتحقيقه .. تتحول الى محنة وعذاب وملل وتلف عصبي
****
على المرأة ان تكف عن اعتبار جسدها وجمالها وانوثتها وسيلة كافية واحدها لاجتذاب الزوج
****
ان القليل الذي تحبه .. يسعدك اكثر من الكثير الذي لاتحبه
****
الانتصار على الانانية ليست معركة يوم .. وانما معركة عمر وحياة
****
الحب ادواته الذكاء والحس المرهف . والعاطفة المتوقدة والبصيرة الشفافة والفطرة النقية والوجدان المتالق .. ولا يمكن ان تكتمل لذاته في جو الشهوة والغباء والبلادة الذهنية
****
انا لا اصدق ان الظروف يمكن ان تدفعنا الى فعل ينافي ضمائرنا .. ولا اؤمن بالحتمية .. فالله حينما يسوقنا الى قدر .. هو في الحقيقة يسوقنا الى نفوسنا .
****
ان القدر حينما يقع .. لا احد يفرضه علينا .. وانما نحن نختاره
****
الانسان هو الظرف الحاسم وهو العامل المهم في هذه الحياة .. وحينما تنسد كل الابواب امامه يظل هناك باب مفتوح في داخله .. هو الباب المفتوح على الرحمة الالهية


[Music] توازن الحياة – حمود الخضر

أحببت هذه الأغنية وكلماتها وكل ما فيها.. إبداع وأكثر!

لدرجة أني أحسست أنها مكتوبة فيني :p (مشوها عشاني)

أشعر بحماس ورغبة في العطااااااااء أكثر مع كل مرة أسمعها فيها

أُهديها لأمي.. لأخواتي.. لفلانة بنتي بعد 20 سنة 😀

ولصديقاتي ومُلهماتي.. أم عزان، مريم ، وإيمان 🙂

الكلمات:

توازنُ الحياةِ أنتِ

رُقيُّها إذا ارتقيتي

وجودُ عالمٍ جميلٍ رسالةٌ لَها أتيتي

فراشةٌ بكلِ فخرٍ بالوردِ

بالنَدى التقيتي

فيا أزيان كُل زينٍ

بكِ يزينُ كل وقتِ

ترينَ عندكِ اقتدارَ

فكوني مثلما رَأيتي

ستنجحينَ بِجدَارة

ونَقتَدي بِما صَنَعتي

صناعةُ النجاحِ فنٌ مَهَارةٌ بِها ارتَقيتي

فلتَحلُمي فَكلُ حُلمٍ سينتهي كَما أرَدتِي

 

 

 

 


(1)

(1)

يا مُتعِب الجِسم كَمْ تسعى لراحتهِ.. أتعَبتَ جِسمَكَ فيما فيهِ خُسرانُ

أقبِل على الرُّوحِ واستكمِل فضائِلها.. فأنتَ بالروحِ لا بالجِسم  إنسانُ

وقفت لأتأمل هذا البيت الساحر.. كم أهملتك يا روحي المسكينة وسعيت لتحقيق آمال ليس لكِ فيها من نصيب..

كم تعبنا لأجل دراسة ووظيفة ومثالية حياةِ.. ومع أكبر خيبات الأمل كنتِ أنتِ الضحية الأولى.. كم سمعنا عبارات مثل “تعبت نفسيا، لضياعِ هدف مادي بحت!”.. لا مناعة كافية.. ولا أجسام مضادة من القناعات تحميكِ من آلام الحياة.. ذات المسببات المادية غالبا!

في عقلي.. إلتفتُ إلى سِينْ التي تسكنُ في داخلي.. كم تبدو المسكينة هزيلة!.. قررتُ أن أحتضنها.. أعتذر منها.. وأحاول أن أصادقها من جديد..

لا يمر يوم علي دون ممارسة بعض التمارين الرياضية.. كما أني بجانب تغذيتي الشبه متوازنة، آخذ في كثير من الأحيان مُكملات غذائية وفيتامينات.. تفاني “مفيش زيه” للحفاظ على جسد سليم معافى..

وروحي ليس لها نصيب سوى خمس صلوات أنقرها نقر لأعذار (الدراسة.. مشغولة.. تعبانة.. بكرة أصلي بعمق أكثر) !

لا ذنب لكِ يا روحي سوى أنك.. مُهملة!

أعتذر يا روحي وليس مثلي يعتذر! سامحيني.. فلن أُهملك بعد اليوم..

(2)

تزداد الضغوطات وتتراكم المسؤوليات من كل جانب من جوانب حياتك لتجد نفسك ضائعا امام اكوام مكعبلة من الأفكار والتساؤلات التي لا تجد لها وقت لإجابتها.. تحاول أن تفكر.. ولكن هناك دائما ريح مشوشات تهب لتكعبل حبل الغسيل الرث الذي علقت عليه أفكارك. يائس أنت. لا حل.. هكذا قالوا لك..

هكذا قالوا لي أيضا..

هنا بدأت فكرة أخذ فترة للخلو بنفسي والتأمل بعيدا عن كل مصادر الكعبلة الحياتية تكبر في عقلي.. وكبرتها في عيني أكثر صديقتي الساحرة..

صَعِب تحقيق ذلك تمامًا إلا أني، جزئيا، حققت لنفسي مجالا من الهدوء والراحة حين قررت البقاء في المنزل وإلغاء إرتباطاتي بالانشطة خارج البيت.. واليوم.. لا أقول أني وصلت، ولكني أدركت السبيل للحصول على السلام الداخلي 🙂

(3)

كل ما قرأته في الفترة الماضية كان داعٍ للتأمل.. أضع بين أيديكم قراءاتي حتى الآن..

رحلتي مع غانديرحلتي مع غاندي by أحمد الشقيري

My rating: 3 of 5 stars

كتاب بسيط ومؤثر مُقسم لقسمين:

الأول: تأملات وخواطر في سيرة غاندي

قد يتبادر للقارئ في البداية أن القرآن وسيرة نبينا ومحمد عليه صلوات الله وسلامه والصحابة والتابعين بها من الحكمة ما يغنينا عن سيرة غاندي وغيره.. وذلك صحيح جدًا إلا أن قراءة سيرة غاندي فيها الكثير من المواقف والتأملات التي تعيننا على تفهم جوانب أخرى من جمال ديننا:) وما أسهل من حِكم إنسانية عظيمة مسطرة في صفحات أقل من مئة صفحة؟ –> قارئة كسولة

الثاني: رحلة الشقيري للهند

بحثا عن الخلوة مع الذات والتأمل..

كان هذا الجزء مخيبا لآمالي وآمال الشقيري على حد سواء.. كنت شخصيا ولا زلت بأن اهدي لروحي أسبوع خلوة وتأمل وهذا ما ضاعف من حماسي لقراة هذا الجزء .. توقعت الأعمق والأفضل من المنتجع نفسه.. على أية حال كان ذلك تأكيدًا للقارئ أن عبادة التأمل والخلوة مع الذات سهلة التطبيق في أي مكان.. المهم أن يتفهم الشخص “كيف” يطبقها.
إقتباس جميل من بداية الكتاب:

استق الحكمة لا يشغلك من

أي ينبوع جرعته يا مستقي

فشعاع الشمس يمتص الندى

من فم الورد ووحل الطرق

رحلتي من الشك إلى الإيمانرحلتي من الشك إلى الإيمان by مصطفى محمود

My rating: 5 of 5 stars

أن يقضي رجل صاحب علم ثلاثين سنة في البحث عن الحقيقة بحثًا جادًا ثم يكتب خلاصة تجربته في هذا الكتاب لهي خدمة للبشرية كلها..

احببت بساطة اللغة وعفوية ترتب الأفكار..

كتاب جميل.. جرعة إيمانية مغذية .. فيه أجوبة لكثير من الأسئلة التي خطرت مرات ومرات علي ولم استطع يوما صياغتها.

جدد حياتكجدد حياتك by محمد الغزالي

My rating: 5 of 5 stars

كتاب عمره من عمري..

لمن يسعى للحكمة والتنوير: هذا الكتاب ساعدني في فتح صفحة جديدة من حياتي وتصحيح الكثير من عاداتي ومعتقداتي 🙂

(يتبع..)


من هنا وهناك

تأثرًا بإتجاه صديقاتي للإبتعاد عن الشبكات الإجتماعية وإيقاف لقاءاتنا المتكررة في صالون قرطبة والتركيز على ما يجري في نفوسنا عوضًا عما يحدث في العالم، حملت عددًا من الكُتب الفلسفية والأدبية وتوقفت عن متابعة  السياسة وأهلها في تويتر، لاحظت بعد إنقضاء أول ثلاثة أيام تحسنًا ملحوظا في صحتي النفسية :)..

وأخيرا.. طرابلس “شِبه” محررة.. بقي أن يقع القذافي في يد الثوار ليُحسم كل شيء.. ولسبب ما أشعر أن فرحتي ناقصة حتى “يصطاد”..

وفي نفس الوقت..

الكل سياسي.. الكل فجأةً صار يفهم في السياسة والرياضة والصحة والبيض والطماط ويغرد بشدة وبعنف في كل المجالات، ولا ترفع حاجبيك إستغرابا إذا تبين لك أن مُجمل ما قرأه الكاتب الموسوعي الماثل أمامك هو: بنات الرياض!

سئمت ممن يتحدث عن نظرية مؤامرة تُحاك.. هنا وهناك.. سئمت من النظرة التشاؤمية لكل ما يحدث في العالم وحتى داخل عمان!

أنا لا أفهم بالسياسة ولكن أؤمن أن نظريات المؤامرة هي مؤامرة بحد ذاتها وبتحكيم عقلي الصغير سياسيًا لا أعتقد أن بقاء مبارك أو القذافي كان فيه خير للأمة!

يقولون لي: مجنوك ولا اللي أجن منه!

أقول: وما الذي يفرض علينا تحمل مجنون أساسا؟ ألا يستحق الشعب العربي “عاقل” مثلا؟!

دورة الحياة فيها “نزلات” و “طلعات” ومبارك وغيره مثلوا فترات النزول خير تمثيل .. نشوف اللي بعده؟

******

حين بدأت الأخبار تصل من الصومال وبدأنا بجمع التبرعات صادفت نوعين من الناس:

–          النوع الأول: يتبرع دون تردد أو سؤال

–          النوع الثاني: يستجوب، ويستجوب، ويستجوب ثم يتبرع مضضا..

ما الفرق بين النوعين؟ أترك لكم حرية التعليق 🙂

 الدرس العام والأهم الذي خرجت به من هذه التجربة:

العمل التطوعي يُريك الوجه اللامع المشرق للناس وينسيك وجوهًا مظلمة لا تحب أن تراها 🙂

******

رمضان شهر العبادة والذكر والطيبة وصلة الأرحام.. روح رمضان *المفترض* ان تبث فينا سكينة وطمأنينة، إلا أن الحقيقة أن ما يحدث في شوارعنا الجميلة شيء يخالف كل ما تٌوصف به الأجواء الرمضانية.. ولذات السبب “أمقت” مغادرة المنزل مهما كانت الأسباب..

ما أتحدث عنه هنا أرقاااااام خيالية لناس كُتب أن يروحوا ضحايا لغباء وتهور “الناس” في الشارع!

كنت أستغرب عند قراءة حقائق مثل “زيادة معدل الحوادث 50% أثناء الصيام” و “وفاة 17 في 3 أيام!!” هل السبب الصيام فعلا؟

والله إن رمضان بريء من جرائمنا في الشوارع!

الأسبوع الماضي كنت في طريقي لمنزل أحد اقاربي حين كاد أحدهم أن يهرسنا قبل دقائق من الأذان فقط ليضمن الموقف الاقرب من المسجد.. شي لا يوصف–> هذا وإبليس مربوط!

هل الصعب أن نوجد من أنفسنا ثقافة الوعي المروري؟ أم أن هذا أمر من قائمة الأمور الطوييييلة التي ننتظر من الحكومة أن تحلها لنا؟


عودة

 

سنة كبيرة هي 2011.. لا يكاد عقلي يستوعب حدة الاحداث التي مرت على الصعيد العالمي.. والشخصي!
هذه أول إجازة “حقيقية” لي منذ سنة تقريبا.. ولأني كنت أعد نفسي بالرجوع للتدوين، قررت أن أُغيّر ولو شيئا بسيطا من حياتي التدوينية، وها أنا في صفحة جديدة وبعنوانٍ وإسمٍ جديدين..
الأسباب التي شغلتني عن التدوين هو إدماني المفاجئ على تويتر وسهولة كتابة أي فكرة عابرة فيه وهذه الميزة ذاتها تجعلني اليوم أشعر بعجز شديد في ترتيب او كتابة حتى مذكراتي الشخصية.. تعودت نظام ال140 حرف كما أن تفاعل المتابعين اللحظي في تويتر يجعله وسيلة أفضل عن التدوين من جوانب معينة.
يبقى أن تويتر يبخس حق الحوار الحقيقي ومساحة التعبير.. الواااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااسعة المتوفرة في التدوين! ولذا أعود اليوم للتدوين (يا سلام! زمان عن مط الحروف والله!)
====
إلى أصدقاء التدوين:
لم ولن أنقطع عن متابعة مدوناتكم يومًا! أُحيي فيكم عدم انقطاعكم عن التدوين، إدعولي بالتدوين والثبات =)!
إلى أصدقاء تويتر:
هنا أثرثر أكثر مما تتوقعون.. لذلك خلونا على تويتر أفضل 😀
والسلام عليكم 🙂


السعادة

كانت الايام العشر الاواخر من رمضان عندما بدأت بتطبيق جدول وقتي صارم لإستغلال آخر أيام رمضان وإجازتي الصيفية القصيرة فيما كنت أحسبُه مفيد.. إلا أن الظروف عاكست كل ما خططت له، بدايةً بمرضِ أُختي ونهايةً بتعطل شاحنتي الجميلة وبذلك تكنسلت كل مشاريعي الخارجية.
ليلة السابع والعشرين من رمضان، أخذت لي مقعدا في إحدى كراسي قسم الطوارئ، بإنتظار أن يتم تشخيص حالة اختي.. كانت الزيارة الثانية للمستشفى خلال اقل من يوم.. بدى قسم الانتظار هاديا وحكيتُ لنفسي أن المكان مناسب للقراءة حتى يأتي دورنا..
لم تمر لحظات قبل أن تجلس بجانبي إمرأة بدى لي انها في بدايةِ الثلاثينات من إحدى الدول العربية.. وبطريقة من ألفني وعرفني من زمان سألتني إن كنتُ أنا المريضة فأشرتُ لأُختي وأخبرتُها أني هنا معها..
بدأت المرأةُ تحكي بعفوية عن ابنتها الصغيرة ومرضها الذي بدأ ببداية الحرب على بلادها في سنة 2006.. ولأني إجتماعية وثرثارة من الدرجة الأولى فقد تفاعلتُ معها بشدة ونسيت الكتاب المفتوح امامي:
          كل افراد اسرتي استعجلوا خروجي من بيروت وقت الحرب.. كان القصف متوقع أي وقت والمطارات مزحومة كثير.. وخفت ان ابقى هناك مع ابنتي بدون علاج
          مرضها مزمن؟ 
          مرضها يا ستي مبين فيها.
فتحت السيدة محفظتها واخرجت ظرف صغير فيه مجموعة صور وناولتني احداها.. بدت البنت وكأنها مصابة بمتلازمة داون.. أحسست بالشفقة وسألتها إن كانت بالفعل كذلك.. هزت رأسها نافية:
          من الشهرالسابع للحمل ولغاية التاسع كانت تغذيتها ضعيفة كثير.. ما كان بيوصلها اوكسجين كفاية وهالشي اثر عليها ومأثر بنموها للحين.. عمرها 4 سنين.. بس عمر عقلها 8 اشهر
          وليش الطبيب ما اكتشف هالشي؟ معقول اهمال؟
          لااااا! أبدا.. الطبيب مش هين أبدا.. لكن هذا درس لي وله!
الله بيعلمه انه اعلم من هالطبيب..
وبيعلمني أقوي إيماني به وأحب بنتي..
احسست بالخجل من نفسي.. سبحان الله.. كم موقف كهذا مر بي من قبل؟ أحزن أكثر من الشخص المصاب.. كانت تتكلم أمامي بكل ثقة.. كنت أشعر أنها مصدقة لكل ما تقوله
أتألم لناس أصابتهم مصيبة وأحزن أكثر من حزنهم.. أنسى أن الله حكيم وعظيم.. يقويهم كما يختبرهم وأن جل ما يحتاجون إليه هو صبر وثقه.. الشيئين التي افتقر لهما في كثير من المواقف وتعوض عنهما الكآبة العقيمة.
          قالوا لي لا تنجبي مرة أخرى.. نصحني الطبيب وكلمني.. لا تنجبي لأن المشكلة فيك وليست في طفلتك..
ولكن.. هل يعيب أبنائي أن يكونوا أقل ذكاء من اقرانهم؟ أحب الاطفال لأنهم اطفالي.. تعرفي إبن جيراننا في بيروت.. كان شديد الذكاء.. نجح بدراسته وتخرج وعمره عشرين سنه.. ومات في حادث مفاجئ وهو يحتفل بتخرجه… من يعلم ما يحدث في المستقبل؟ الاولاد والاعمار تجي وتروح بغمضة عين وكله بيد الله..
توقفَتْ قليلا وابتسَمَتْ بِرضى.. راجعتُ مسؤول الطوارئ للحظات وعدنا لإستكمال حديثنا الشيق..  اعادت السيدة فتح الظرف.. واخرجت صورة اخرى صغيرة لطفل جميل.. 
          وهذا إبني الثاني.. سليم ومعافى وذكي الحمدلله.. كنت سأندم لو استسلمت وعرفت متأخرة أني سليمة ومعافاة وأني فوتت على نفسي تجربة امومة اخرى.
عند هذا الحد.. انتهى حوارنا.. وودعتها بسرعة قبل ان اتجه للطبيب الذي تولى اختي..
ليتني شكرتها ففي ذلك الوقت عرفت انه لا توجد للسعادة قوانين او مكونات.. ولا للحزن اسباب ثابته.. فسعادتنا هي نتاج افكارنا ومعتقداتنا.. والسعادة ليست حكرا للأصحاء أو للأغنياء… من قال أن الزهر لا ينبت وسط الصخر؟ فمِمن عانى الحرب والمرض تكلمت امامي من ظننتها من بعيد تملك من حجم الارض سعادة ورضى..
كانت تجربة حية، ودرس عظيم في مكان لم اتوقع ابدا ان اتعلم منه شيئا،، ملت صديقاتي من كثرة اعادتي لهذه القصة 🙂

بقولكم سالفة..









أكمل 21 خريفا (وليس ربيع.. بحكم كوني مولودة في الخريف) الجمعة القادمة بإذن الله.. بدأت الاستعدادات للإحتفال بمضي الـ21 سنة والواقع اني لا اريد ان احتفل بعيد ميلادي بقدر أني اخذتها حجة وسببا لإهدار الوقت وصرف النقود وتغيير الجو قبل أن يبدأ الدوام بقوة..

انا مولودة برج الميزان الأمر الذي سبب لي عقدة بشعة من سالفة الابراج والبقدونس وما شابهها من الطراطيش التي لا تخلو جريدة أو مجلة منها، اذكر في المرحلة الثانوية حركة غير طبيعية حدثت بعد أن قررت مديرتنا الموقرة مكافئة صفنا المتفوق برحلة إلى معرض الكتاب، وفي الباص المزركش بإقتباسات من مطرب العرب علي بحر وقلوب مكسرة وغير مكسرة اتفقت شلة من البنات على شراء كتب الابراج لماجي فرح وغيرها من البصارين وقارئي الفنجان والقلاصات والملاعق- إن كانت تُقرأ..
في الصف كان موعدنا.. في ذلك اليوم فقط.. من الصف الثاني عشر تعرفت لأول مرة على برجي: الميزان
اختلفت التشخيصات حسب مصلحة المُشخصات، اللي كانت تبي مصلحة بتدور أفضل وصف لبنت الميزان، والي مالها مصلحة ستنهش في لحمي وعظمي وبرجي المسكين الذي لم تمر ساعة مذ تعارفنا الأول:
راعية المصلحة: بنت الميزان.. تعشق التحدي والإثارة عنيدة مسيطرة لكن حنونة ومتفهمة (يعني بالعقل كيف مسيطرة وحنونة أنا ما فاهمة؟!) رومانسية تحب أكل البطاطس والعيش (طيب من ما يحب الاكل؟) ومولودة الميزان تتميز بقصر الانف وطول الوجه (ابدا ابدا!) ..
العدوة: بنت الميزان.. ساذجة يسهل الخداع عليها، تخشى شبح العنوسة… مهووسة بمنظرها وتحاول ان تخفي نقصها بإهتمامها بالملابس والمجوهرات.. تحب الذهب البنفسجي ولا تخاف الصعوبات.
مرت الايام ومرت ومرت.. وفي يوم من تلك الايام قرأت في إحدى المجلات وبالتحديد في باب “عزيزتي الدكتورة فوزية الدريع” مشكلة إحدى العاقلات التي انفصلت عن خطيبها لأنه كذب وأخفى عنها برجه الحقيقي لأنه لا يتلائم مع برجها بنسبة مئوية كبيرة.. بدأت احس بخطورة الوضع..
طبعا ساعتها حسيت بتضارب في المشاعر والاحاسيس الاقحوانية.. ركضت صوب البئر ورميت كرتي الذهبية فيه واخذت بالبكاااااء والبكااء اخذ بي في انتظار الضفدع ليخرج ويخلصني من عقدة القبح وشبح العنوسة الارجواني! (استغفر الله  اللهم اني صايمة!)
جد، شي يضحك.. دخلت الجامعة وفي جلسة من جلساتنا الدحية.. كنت اناقش احدى الأسئلة مع صاحبتي وفي غمرة تفاعلنا.. كانت احدى الفتيات تراقبني من مسافة.. حسيت كذا انها ما فوتت ولا كلمة ولا حركة ولا التفاته مني انا وصاحبتي.. اقتربت لتسأل.. انتي مولودة أي برج؟
كتمت ضحكتي بعنف: الميزان..
التفتت لصاحبتي وقبل أن تسألها قالت بإزدراء: ما مبين..! طبعا استفسرت عن السبب.. وساحتفظ به لنفسي لأسباب اجتماعية دينية وسياسية.
نقطة مفيدة جدًا: سألت رجلا حكيما من المتبحرين في علم الفلك ذات يوم عن تعريف وتفسير الابراج، فأجاب ببساطة:
يزعم علماء الابراج أن الابراج والنجوم الظاهرة في صفحة السماء في الفترة التي تصادف مولدك تؤثر في شخصيتك وطباعك، وتلعب دور في تحديد سلوكك اليومي.. وهو امر سخيف وغير معقول.. فالأولى أن تؤثر الأجرام السماوية الأقرب على حياتك.. كالشمس والقمر وعطارد وزحل والمريخ والمشتري ومذنب هالي.. ولو كان للابراج تأثيرا، ما الذي يجعل هذا التأثيرغير لحظي ودائم كالطبع والمرض الملازم لك دائما طول العمر.. ؟


العيد



كان صباح العيد أجمل يوم أنتظره، أمي تبخر لباسي وملابس اخواتي المتطابقة في الشكل والمختلفة في الحجم، وهي تملي توجيهاتها التي حفظتها عن ظهر قلب، علي وعلى اخواتي: حافظن على ملابسكن نظيفة وعلى ذهبكن، مريم همتك أختك الصغيرة، كوني مسؤولة عنها ولا تفلتي يدها في الهبطة، لا تضيعن العيدية في شراء الحلويات المنتهية والألعاب المتكسرة، لا اتحمل أن تمرض احداكن في هذه الفترة على الاقل

اطالع فستاني بفخر وأتخيل نفسي صبيحة العيد بين بنات عمي وبنات الجيران بفساتيننا الجميلة وملابسنا العمانية في عرض ازياء كنت أجده أروع شيء على الإطلاق.. اتوجه لسريري مبكرة على أمل أن يأتي الغد مبكرا أيضا، وأحاول النوم ولكن الحماس يمنعني.. يمر الوقت قبل أن أقرر التسلل للصالة حيث تسهر أمي وعماتي لمطالعة أخبار العاشرة ليلا.. يعيدني الخوف بسرعة إلى فراشي، فقد تذكرت أن قد أخبرني عبدالله إبن عمي عن الجني الذي يتمشى ليلا في الممرات ليأكل الأطفال، وأنه يفضل الطفلات السمينات مثلي
ويأتي الصبح اخيرا كالمفاجأة السارة، استيقض بسرعة وأصلي الفجر بسرعة أكبر وأنا لا أفقه شيئا من الصلاة إلا حركاتها، لأرتدي لباسي واصطف في طابور مع اخواتي امام أمي لتجدل شعري وشعرهن.. يستغل أخي محمد فرصة “عدم كونه من اصحاب الجدائل” ليحضى بالعيدية قبلي وقبل اخواتي.. انزل للصالة الكبيرة حيث يتجمع الكبار والصغار من أعمامي وأبناء عمومتي وأخوتي.. مريم تمسك بيدي وسمية بيد محمد.. يتبادل الجميع التهاني ويتحلق الاطفال حول الكبار لإستلام عيدياتهم. كنت أحسد أحمد وعمر على الريالات التي كانت تنهال عليهم من أبي وأعمامي
يناديني عمي، فأذهب بخطوات خجولة إليه.. يقبل خدي، يحتضنني، ويدس في كفي الصغيرة ربع ريال.. اطرق في خجل وسعادة غامرة، ثم ينادي ابنه الكبير العائد توًا من أمريكا ليعيدني.. كنت ارى ذلك قمة في المحبة والسخاء، وقد كان هكذا بالفعل
وقبل أن تقدم العرسية، يتجمع الكبار من أسرتي أمام الهاتف، في إنتظار إتصال من أبناء عمومتي المغتربين، تدمع عماتي شوقًا لأبنائهن، ويبدأ ابناء عمومتي بمشاكستهن والضحك عليهن.. لينتهي موقف الحزن بضحك وسعادة 🙂
في تلك الأثناء، نرتدي نحن الصغار احذيتنا إستعدادا للهبطة، كانت أمي قد خضعت لتوسلاتي قبل العيد، وابتاعت لي زوج الاحذية الحمراء اللامعة المزينة بورود بيضاء (ولسبب ما، تذكرت هذا الحذاء لما طالعت أطفال الجنة)، وكانت بنات عمي وأخواتي معجبات أيما إعجاب بذلك الحذاء
يمتلئ فناء بيت عمي بالعرائس والمسدسات المكسرة مغرب يوم العيد، ونعود للمنزل بملابس ممزقة أطرافها، وأحذية اختفت معالمها بفعل التراب والطين 🙂
هكذا كان كل عيد، وفي كل عيد وسنة تتغير امور قليلة، في كل عيد ازداد طولا واقترب من طول عمي وأبي، وفي الأعياد التي تلت، صارت أمي تطلب مني ما كانت تطلبه من أخواتي يوما ما: أنتي مسؤولة عن أخوتك الصغار، لا تفلتي يدهم في الهبطة! حتى كبر اخوتي وصار محمد ثم عائشة مسؤولين عمن تلاهم
جاء عيد تلو الاخر،و في العيد سنة 2001، لم يكن عمي هناك لأقارن طولي به، وكانت أمي، ولم يسابقها احد، هي اول من ترفع السماعة، لتحادث اخويي المغتربين وتبكي، ليشاكسها أبي فتضحك وتسكت، وتمر السماعة من يد لآخرى لنعايد اخوتي، وإبن عمي، وكثير ممن لم يعيد معنا بسبب ظروف العمل أو الدراسة
ومرت السنين، ويأتي كل فجر عيد محمل بالسعادة والحزن في آن واحد.. سعادة بيوم العيد، هدية الله لنا، وحزن لكل من فارقنا، لعمتي التي كانت تعد العرسية فجر العيد لكل الأسرة، لعمي عميد اسرتنا الراحل، لأخي محمد الذي أصبحت افتقد مزحاته الصاخبة صباح العيد ونكته على ما ارتدي، وصرت مع أمي، أنتظر بجانب الهاتف إتصالا منه وتدمع عيني، ليشاكسني اخي يعقوب، الذي لم يكن قد ولد بعد عندما كنت أخشى جني الممرات
رحل الكثير، وقدم لحياتنا الكثير.. ويبقى العيد اجمل مناسبة، مليئة بالمعاني الروحانية والتواصل 
..
أليست هذه سنة الحياة؟ :).
—–
قمت بتغيير الأسامي للخصوصية 🙂